ورد في فضل الصوم وثوابه كثير من الأحاديث النبوية، من ذلك ما ورد في بيان حصول الفرح والسعادة للإنسان في الدنيا والآخرة، وذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: {لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ}{1}
وورد أن الصوم يبعد عن النار بكل يوم سبعين سنة، قال صلى الله عليه وسلم: {مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا}{2}
وورد أن الصوم يشرف الإنسان في الآخرة بدخول الجنة من باب يسمى الريان، وهو باب خاص بالصائمين، قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ}{3}
وورد أن الصوم يُرضي الله تعالى عن الصائم وعن رائحة فمه- رغم كراهة الناس لها – قال صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ}{4}
وورد أن الصوم له ثواب ومزية على سائر الأعمال، قال صلى الله عليه وسلم: {كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي}{5}
ومعنى قوله {إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي} أى: خالص لي لا يقصد به غيري، لأنه عبادة لا يقع عليها حواس العباد، فلا يعلمه إلا الله والصائم، فصار الصوم عبادة بين العبد والرب، فلذلك أضافه إلى نفسه، وجعل ثوابه بغير حساب، لأنه لا يتأدى إلا بالصبر، وقد قال الله سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} الزمر10
فلما كان في الصوم هذه المعاني خصه الله تعالى بذاته، ولم يكله إلى الملائكة، بل تولى جزاءه بنفسه، فأعطى الصائم أجراً من عنده ليس له حد ولا عدد، فقال: {وَأَنَا أَجْزِي بِهِ} يعني: أكون له عن صومه على كرم الربوبية، لا على استحقاق العبودية، وقال أبو الحسن: معنى قوله: {وَأَنَا أَجْزِي بِهِ} .. أى: {كل طاعة ثوابها الجنة، والصوم جزاءه لقائي، أنظر إليه وينظر إلىَّ، ويُكلمني وأكلمه بلا رسول ولا ترجمان}{6}
{1} أخرجه البخاري ومسلم {2} أخرجه مسلم والنسائي {3} أخرجه البخاري ومسلم {4} أخرجه البخاري ومسلم {5} أخرجه البخاري ومسلم {6} مرشد العوام في أحكام الصيام ص 17
[/frame]
[flash(300,150)]WIDTH=0 HEIGHT=0[/flash]